
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان وزينه بالعقل وشرفه بالإيمان، أحمده سبحانه تعالى وأشكره أدبنا بالقرآن، وزيننا بزينة الايمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالخير والإحسان، ونهانا عن الفسوق والعصيان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، المبعوث بالحق وحسن البيان، صلى الله عليه ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إنه في سبيل تهذيب الأفراد في المجتمع وجب أن يكون هناك رأي عام مهذب ملائم يحث على الخير وينهى عن الشر، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإن الرأي العام له رقابة نفسية تجعل كل شرير ينطوي على نفسه فلا يظهر، وكل خير يجد الشجاعة في إعلان خيره، ولأهمية ذلك جاءت دعوة الإسلام بقيام جماعات ومؤسسات وحركات.
تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تحت ظل الآية الكريمة “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر” وذلك لضمان إستقامة المجتمع ونظافة مسار حركته بإتجاه الإصلاح والخير، ويتجلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام التي تعمل لصالح المجتمع في مجالات الرعاية الإجتماعية والصحية والحماية من الثقافات الهدامة وجمعيات حماية الأطفال من الإنحراف شكل من أشكال هذه الجمعيات التي تعمل في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقيل أن أمير المؤمنين أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، عيّن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قاضيا على المدينة، فمكث عمر بن الخطاب سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، ولم يعقد جلسة قضاء واحدة.
وعندها طلب عمر بن الخطاب رضى الله عنه من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر الصديق لعمر أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ فقال عمر لا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين، عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، وأحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، وإذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا إحتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيما يختصمون؟ ففيما يختصمون؟ وإنه يتناول الإصلاح بين الناس، فى الإصلاح بين طائفتين أو قبيلتين أو دولتين أو أسرتين، وأهم أسس الإصلاح هو التقوى.
فالمؤمن التقي النقي يسارع لفعل الخير يتوب اذا أخطأ ويؤوب الى الله تعالي طالبا الصفح والمغفرة ولا يتمادى في العناد لعلمه أن العزة كل العزة في طاعة الله عز وجل وإلتزام أوامره وإجتناب زواجره ونواهيه مصداقا لقوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وتزودوا فإن خير الزاد التقوى” وأيضا من أسس الإصلاح هو الإخوة الإنسانية، وهذا الشعور إنما ينبع من قوة الإيمان وسلامة القلب والعقل، وعراقة الأصل وصفاء الروح مع العلم الغزير بأصول العقيدة وقواعد الشريعة ومكارم الأخلاق، والله عز وجل يحيي هذا الشعور بكلماته المعجزة، ويبعث فيه الروح كلما خبأ أثره أو خفت نوره حيث يقول الله تعالى فى سورة الحجرات ” إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير